يمكن تقسيم تاريخ الحركة إلى ثلاث مراحل: مرحلة نشر الفكرة ومرحلة التجميع والتنظيم ومرحلة التوسع والانفتاح.
1) مرحلة نشر الفكرة
لقد سعى بعض رواد الفكر الإسلامي المعاصر الذين يمثلون الرعيل الأول والمؤسسين لهذه الحركة المباركة إلى نشر الفكر الإسلامي، وتوفير الكتاب الإسلامي في الساحة الصومالية، وتجميع العناصر المثقفة تمهيدا لتأسيس حركة إسلامية منظمة. وظلت هذه الجهود التي بدأت في أواخر العقد السادس من القرن العشرين تشق طريقها، وتؤدي دورها حتى وقع الانقلاب العسكري عام 1969م، الذي قمع الحريات، وكمم الأفواه، وحظر الأحزاب السياسية، وتبنى الماركسية اللينينية فلسفة للحكم ، مما اضطر إلى رواد العمل الإسلامي الانتقال إلى طور العمل السري من أجل حماية المشروع الوليد من قبضة النظام وجبروته، مع التركيز على نشر الدعوة، ومحاربة المد الشيوعي في البلاد.
2) مرحلة التجميع والتنظيم
لقد أسس جماعة الإصلاح الإسلامية في يوليو 1978م، وكان من أبرز أهدافها إصلاح المجتمع الصومالي في جميع جوانب الحياة، والعمل على رفع مستوى الالتزام الفردي والجماعي للقيم والمبادئ الإسلامية، وفق منهج الوسطية والاعتدال في مقاصد الشريعة الإسلامية، وفي إطار التعامل مع الواقع المحلي والعالمي.
وتم تأسيس الحركة من قبل خمسة من خيرة رواد الفكر الإسلامي في الصومال وهم:
شيخ محمد أحمد نور (جريري)
د. علي الشيخ أحمد أبو بكر
الأستاذ أحمد رشيد شيخ حنفي
د. محمد يوسف عبدي
الأستاذ عبد الله محمد عبد الله
وفي تلك المرحلة كانت تتبنى فكرة علنية الدعوة وسرية التنظيم، فنشر الدعوة الإسلامية عبر المنابر المختلفة تستهدف جميع شرائح المجتمع بغية إحداث صحوة إسلامية عامة وعارمة، بينما كانت عملية التجميع تستهدف الشباب والعناصر ذات المستويات العلمية المختلفة مثل العلماء الشرعيين، وحملة المؤهلات العلمية المختلفة، وشباب الجامعات وطلاب المساجد. وكان الهدف الأساسي في تلك المرحلة رفع مستوى الوعي الإسلامي والالتزام العملي بأحكام هذا الدين، ومحاربة الغزو الفكري والأفكار الدخيلة والقيم الفاسدة في المجتمع.
3) مرحلة التوسع والانفتاح
وفي أواخر الثمانينيات ازداد تضعضع النظام الحاكم في البلاد وبدأت مؤسسات الدولة تنهار واحدة تلو الأخرى جراء تفشي الفساد والمحسوبية، وانسداد الآفاق الشرعية للعمل السياسي، ومن ثم انشأت جبهات مسلحة على أساس قبلي حيث اتخذت القبائل والعشائر الكبرى جبهات مسلحة تمثلها وتحارب في إطارها ضد النظام، ويعتبر انهيار المؤسسة العسكرية. أقوى المؤشرات الدالة على سقوط النظام، وكذلك بات واضحا بأن الجبهات المسلحة لا تشكل بديلا سياسيا قادرا على ملء الفراغ الناجم عن انهيار النظام بسبب انقساماتها الداخلية وافتقارها إلى رؤية وخطة للتعامل مع الواقع الجديد.
واستجابة لمتطلبات المرحلة رأت حركة الإصلاح ضرورة توسيع قاعدتها الحركية في عام 1988م لاستيعاب القوى الإسلامية والوطنية، فقامت بجهود مكثفة في توحيد الصفوف لمواجهة الأخطار المحدقة. وارتفع صوت الحركة عبر البيان الشهير "صوت الحق" في أكتوبر 1990م الذي تضمن تشخيص الداء، وتوصيف العلاج، وطالب رئيس النظام بالتنحي عن السلطة، كما طالب الجبهات التخلي عن استخدام العنف والصراع المسلح، ونادى في المقابل بعقد مؤتمر وطني عام للمصالحة تشترك فيه جميع القوى السياسية والاجتماعية لتشكيل حكومة انتقالية، ووضع دستور يلبي متطلبات المرحلة، ثم إجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد الفترة الانتقالية.
إلا أن تسارع الأحداث أدت إلى تفجر الوضع في العاصمة واندلاع الحرب بين بقايا قوات النظام المنهمكة أصلا وبين مليشيات الجبهات المسلحة وانهيار كيان الدولة بالكامل، وانقسام الشعب الصومالي إلى فئات متناحرة. وهذا الوضع الجديد فرض على الحركة تغيير أساليب تحركها والتكيف مع الوضع الجديد، والتعامل معه.
اعتبرت الحركة ما حدث في الصومال من قبيل الفتن التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم (ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه ومن وجد فيها ملجأ أو معاذا فليعذ به). وهو أمر يتطلب إلى إعادة النظر في مجمل القضايا الوطنية.
وبناءا على هذا قررت الحركة ما يلي:
حماية أفرادها من التورط في تلك الفتنة الهوجاء والوقوع في حبائلها الشائكة.
الحفاظ على تماسك الصف الداخلي للحركة في مرحلة خطرة تتسم بالدموية وبموجات من العنف الهمجي والتشرذم وتمزيق وحدة المجتمع وتقسيمه إلى فئات متناحرة..
التلاحم مع الجماهير ومشاركتهم في الآلام والأحزان وعدم الانعزال عنهم، والابتعاد عن خوض غمار الحروب الأهلية، والاهتمام بإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي ذلك الذي تحول إلى برامج عملية استفاد منها المجتمع الصومالي بصورة قوية.
العناية بالمهاجرين إلى خارج البلد وعوائلهم.
رفع شعار (الإغاثة، إصلاح ذات البين، الدعوة والتعليم).
ومنذ عام 1992م بدأت الحركة مرحلة الانتشار والانفتاح على المجتمع وتفعيل دورها في المجتمع؛ وكان عملها يتركز على السياسات التالية:
اتخاذ موقف صارم من فتنة التناحر حيث أعلنت رفضها القاطع لأي مشاركة في الحرب الأهلية، واعتبرت ذلك فتنة عمياء تحرق الأخضر واليابس، وأبلغت موقفها جميع الأطراف المشاركة في الحرب.
التعاون الوثيق مع العلماء والفقهاء باختلاف مشاربهم وتوجهاتهم.
التعاون الوثيق مع رؤساء العشائر والعمل معهم في المصالحة بين الأطراف المتناحرة.
نهج سياسة "الحيادية" بين الجبهات والفصائل المتحاربة وإبعاد المشروع الإسلامي من الوقوع في مستنقع الحروب القبلية.
التركيز على المصالحة بين القبائل والشرائح الاجتماعية وذلك بتأسيس المجلس الصومالي للمصالحة بالتعاون مع زعماء العشائر والعلماء والطبقة المثقفة ليشرف على الأعمال اليومية للمصالحة الوطنية وأنشطتها.
الاهتمام بالتعليم الأساسي واتخاذ اللغة العربية اللغة الرسمية في المدارس بجانب اللغة الصومالية باعتبارها سياسة تخدم الأهداف الاستراتيجية والحيوية للشعب الصومالي.
اتخاذ سياسة "التعامل مع الواقع" والتي تقضي التعاون مع الكيانات والسلطات القائمة وزعماء القبائل والعشائر في المناطق المختلفة من البلاد من أجل تحقيق المصالح الشعبية وتوجيه المجتمع نحو الخير والتعاون ونبذ العنف وغرس السلام والمحبة في النفوس.
وفي عام 1999م اتخذت الحركة قرارا تاريخيا بالعمل والسعي على إيجاد الدولة الصومالية بعد فشل جهود المصالحات الوطنية كلها وذلك بالتعاون مع كافة القوى الوطنية في مختلف توجهاتها، وكثفت جهودها في هذا الاتجاه. وبناء على ذلك كانت مشاركة الحركة فعالة في مؤتمر المصالحة الصومالية في جيبوتي بقيادة الرئيس إسماعيل عمر جيلي، وتمخض عن هذا المؤتمر ميثاق وطني إسلامي ومؤسسات مركزية للدولة الصومالية إلا أن هذه الحكومة لم تستمر طويلا ، وعقد بعدها مؤتمر آخر للمصالحة الوطنية في كينيا.
والحركة مستمرة في نهجها في السعي إلى إعادة الكيان الصومالي ودعم هذه الدولة الصومالية ومؤسساتها عبر المصالحة والوفاق الوطني.
This article is taken from the website of the Islah Movement in Somalia
See on-line at: http://www.islaax.org/arabic/history.htm
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment